سورة ص - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} قوله عز وجل: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} بمشقة وضر.
قرأ أبو جعفر: {بنصب} بضم النون والصاد، وقرأ يعقوب بفتحهما، وقرأ الآخرون بضم النون وسكون الصاد، ومعنى الكل واحد.
قال قتادة ومقاتل: بنصب في الجسد، وعذاب في المال وقد ذكرنا قصة أيوب ومدة بلائه في سورة الأنبياء عليهم السلام.
فلما انقضت مدة بلائه قيل له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} اضرب برجلك الأرض ففعل فنبعت عين ماء، {هَذَا مُغْتَسَلٌ} فأمره الله أن يغتسل منها، ففعل فذهب كل داء كان بظاهره، ثم مشى أربعين خطوة، فركض الأرض برجله الأخرى، فنبعت عين أخرى، ماء عذب بارد، فشرب منه، فذهب كل داء كان بباطنه، فقوله: {هذا مغتسل بارد} يعني: الذي اغتسل منه، {وَشَرَابٌ} أراد الذي شرب منه.
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} وهو ملء الكف من الشجر أو الحشيش، {فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} في يمينك، وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة سوط، فأمره الله أن يأخذ ضغثًا يشتمل على مائة عود صغار، ويضربها به ضربة واحدة، {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.


{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا} قرأ ابن كثير {عبدنا} على التوحيد، وقرأ الآخرون {عبادنا} بالجمع، {إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي} قال ابن عباس: أولي القوة في طاعة الله تعالى: {وَالأبْصَار} في المعرفة بالله، أي: البصائر في الدين، قال قتادة ومجاهد: أعطوا قوة في العبادة، وبصرًا في الدين.
{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ} اصطفيناهم {بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} قرأ أهل المدينة: {بخالصة} مضافًا، وقرأ الآخرون بالتنوين، فمن أضاف فمعناه: أخلصناهم بذكر الدار الآخرة، وأن يعملوا لها، والذكرى: بمعنى الذكر. قال مالك بن دينار: نزعنا من قلوبهم حب الدنيا وذكرها، وأخلصناهم بحب الآخرة وذكرها.
وقال قتادة: كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله عز وجل.
وقال السدي: أخلصوا بخوف الآخرة.
وقيل: معناه أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة.
قال ابن زيد: ومن قرأ بالتنوين فمعناه: بخلة خالصة، وهي ذكرى الدار، فيكون {ذكرى} الدار بدلا عن الخالصة.
وقيل: {أخلصناهم}: جعلناهم مخلصين، بما أخبرنا عنهم من ذكر الآخرة.
{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأخْيَارِ هَذَا ذِكْرُ} أي: هذا الذي يتلى عليكم ذكر، أي: شرف، وذكر جميل تذكرون به {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ}.


{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأبْوَابُ} أي أبوابها مفتحة لهم.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} مستويات الأسنان، بنات ثلاثة وثلاثين سنة، واحدها ترب. وعن مجاهد قال: متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن.
{هَذَا مَا تُوعَدُونَ} قرأ ابن كثير: {يوعدون} بالياء هاهنا، وفي ق أي: ما يوعد المتقون، وافق أبو عمرو هاهنا، وقرأ الباقون بالتاء فيهما، أي: قل للمؤمنين: هذا ما توعدون، {لِيَوْمِ الْحِسَابِ} أي في يوم الحساب.
{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} فناء وانقطاع.
{هَذَا} أي الأمر هذا {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} للكافرين {لَشَرَّ مَآبٍ} مرجع.
{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {فَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
{هَذَا} أي هذا العذاب، {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} قال الفراء: أي هذا حميم وغساق فليذوقوه، والحميم: الماء الحار الذي انتهى حره. {وغساق}: قرأ حمزة، والكسائي وحفص: {وغساق} حيث كان بالتشديد، وخففها الآخرون، فمن شدد جعله اسمًا على فَعَّال، نحو: الخباز والطباخ، ومن خفف جعله اسمًا على فعال نحو العذاب.
واختلفوا في معنى الغساق، قال ابن عباس: هو الزمهرير يحرقهم ببرده، كما تحرقهم النار بحرها.
وقال مقاتل ومجاهد: هو الذي انتهى برده.
وقيل: هو المنتن بلغة الترك.
وقال قتادة: هو ما يغسق أي: ما يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار، ولحومهم، وفروج الزناة، من قوله: غسقت عينه إذا انصبت، والغسقان الانصباب.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9